المواطن السوري المهجر قسريا والمواطن السوري المضيف


المقدمة:

الشراكة والتمثيل لتعزيز الشعور بالانتماء أما العزلة والتهميش فتضعف الرابطة بين المجتمع وتقطع العلاقات وتمنع الفهم المتبادل بخلاف الانسجام الذي يعني الثقة والمشاركة ويحسن الشعور بالأمل والمستقبل كما أن التماسك المجتمعي أداة من أدوات نجاح الثورة من خلال تصورات مشتركة لخارطة طريق فاستهداف المجتمع أخطر من استهداف الجناح السياسي أو العسكري للثورة لأن المجتمع بفكره وقيمه وسلوكه هو سماء هذا الطير نحو الحرية.
       

إن المهجرين قسريا  بسبب إجرام السلطة بحقهم تركوا بيوتهم وأراضيهم وعقاراتهم وعلاقاتهم في سبيل الحرية والكرامة ورفضوا المصالحة لأن حريتهم أثمن ما في الدنيا وهدفنا هدفهم المتمثل بإسقاط النظام المجرم طارد الشعب وقاتله ومعتقله، ونحتاج لجهود مشتركة للوصول لهدفنا حيث أن مصيرنا واحد، وهذا دليل على أن ثورتنا ليست لأجل المعيشة والغذاء وهذا ما أكدت عليه سابقا أن الشعب السوري الحر منذ قيامه بالثورة السورية أثبت عدم صحة هرم ماسلو وفقا لترتيب الاحتياجات الإنسانية ويكرر الشعب السوري الحر إثبات ذلك عند كل جسة نبض يقوم بها بالتعاون بين المستبدين والقوى المضادة للربيع السوري؛ فالاحتياجات الفسيولوجية ليست بالمرتبة الأولى لديه، واحتياجات الأمان ليست الثانية، وكذلك الاحتياجات الاجتماعية، إنما بالدرجة العليا والأهم والأولى والرئيسية هي الحاجة للتقدير وهذه بحاجة للقدرة على التغيير وتحقيق هدف الثورة، ومن ثم الحاجة لتحقيق الذات الحرة الكريمة.
المهجر قسريا مواطن سوري:
 إن كل متر مربع من مساحة الجمهورية العربية السورية (185180 كم²) هو لكل السوريين. أما بالنسبة لما يسمى محافظات فهي لتيسير التنظيم الإداري فقط وليس من باب المحاصصة المناطقية الجغرافية أو السياسية.
       

لا يمكن التذرع بالتوطين  لسلب الحقوق الأساسية للمهجرين من قبل السلطة الحاكمة أو من قبل المجتمع المحلي ومن العبث محاولة خلق التداخل بين التوطين ومنع المجتمع المهجر قسريا من الوصول لحقوقه والتعامل معه بطريقة فوقية علما أنه ضحى بالشهداء والبناء والأراضي في سبيل حريته وكرامته.


هم ليسوا ضيوف وليسوا نازحين هم أصحاب الأرض والقضية ولهم فضل في تنشقك الحرية صباح مساء ولهم في مكان الاستضافة كما لأصحاب الملكية كما يجب المساواة في فرص العمل ومعالجة مصادر التوتر المجتمعي ولهم مالنا من الآمن والحقوق وعليهم ما علينا من واجبات وفقا لسعتهم ولا بد من توفير البيئة لخلق الانسجام والتي تتحمل مسؤولية توفيرها المؤسسات العاملة في المحرر وعلى الجهات الفاعلة في المناطق المحررة السعي المتواصل لخلق جو يخفف عن أهلنا المهجرين قسريا ويجب ألا تنعكس ردة الفعل باتجاه السلطة عندما يتصف قطاع أو مرفق ما بسمة معينة مرتبطة ببقعة جغرافية معينة على المجتمع من تلك البقعة برمته ويجب التعاون المجتمعي من المضيف  والمهجر قسريا ولا نطلب المساعدة والتي هي حق لهم إنما على الأقل ألا يتم ابتزازهم واستغلالهم وسلب حقوقهم.
السلم المجتمعي ودور القوى الفاعلة:


إن إحلال الاستقرار الاجتماعي وصولا للسلام المجتمعي وإشراك المهجرين قسريا بالمبادرات المجتمعية المحلية والإعفاء من الرسوم أو تخفيضها على الأقل، ووضع حد أعلى لقيمة تأجير البيوت، ومنح قروض حسنة تستهدف المهجرين قسريا، ووجود وسطاء مجتمعيين من الطرفين يخفف من المعاناة ويسعى باتجاه الانسجام وهذا يحتاج لجهود مشتركة وعلى المواطنين ألا ينزعجوا حيال بعض المصطلحات فحتى ضمن المنطقة الواحدة عندما يعيش الشخص بمكان آخر يسمى بلقب وفقا لنسبه لمكانه الأصلي الذي جاء منه.
       

يجب على السلطة والإعلام وقادة المجتمع العمل على بناء السلام بين المجتمع الضيف (المهجر قسريا) والمجتمع المضيف والحفاظ عليه وتعزيز التماسك المجتمعي وتوطيد العلاقات المجتمعية فكلاهما مجتمع واحد وهما ضحية إجرام وإرهاب السلطة الطاردة للشعب المطالب بالحرية والكرامة.


يتمثل تأثير قادة المجتمع من خلال التواصل الإيجابي الفاعل ومشاركة المجتمع الضيف بصناعة القرار والتفاهم البناء وإلغاء التفرقة بين المجتمعين والذين نطلق عليهم هذه التسمية في سياق التوضيح لا الترسيخ  ولقادة المجتمع دور كبير في تحسين العلاقة بينهما من خلال الحوار والمشاركة وعدم التفرقة بالمعاملة معهم  أو أثناء الاستفادة من المرافق العامة كتلقي الخدمة أو التوظيف أو في تلقي العلم بالمدارس أو الجامعات أو غيرها وبالنهاية كلنا مواطنين ولا بد من السعي لتحقيق العدل والمساواة فهذا ما قدمنا التضحيات لأجله، ومن المعيب التمييز بين المجتمعين أو استغلال أحداهما للآخر أو حتى بقاء هذا المصطلح يعتبر ظاهرة سلبية فالوطن للجميع وللمهجر في مكان النزوح حق كما للمضيف، وبالتالي يمكن لقادة المجتمع دعم جهود بناء السلام وتيسير الحوار بينهما من خلال اللقاءات والندوات والزيارات والنشاطات المشتركة.


لا يمكن مقارنة واقع العلاقة بين المجتمع الضيف والمجتمع المضيف داخل الجغرافيا السورية مع دول الجوار لتبرير النبرة العالية من المجتمع المضيف بالرغم من الاستفادة في كل المجالات من المجتمع الضيف وحتى مشاركته في حقه بالإغاثة والمشاريع وغيرها، وعدم التعامل بالمثل عندما يتم تنفيذ نشاط محلي من قبل المجتمع المضيف.
       

هناك الكثير من التحديات التي تواجه المجتمع الضيف والمجتمع المضيف فمن أهم التحديات صعوبة الحصول على المسكن فهو ما يشكل عائقا أمام تحقيق نوع من الاستقرار أو على الأقل الغلاء الفاحش في أجرة البيوت وحالة عدم الاستقرار التي يعيشها المستأجر الضيف بسبب الجشع والاستغلال من قبل بعض المستأجرين إضافة إلى اختلاف في بعض العادات والتقاليد بين المجتمعين أحيانا، واعتبارهم من ضمن أسباب تراجع الوضع الاقتصادي بمنطقة المضيف الأمر الذي شكل صورا نمطية مغلوطة بحقهم وأثرت بشكل سلبي على العلاقة بين المجتمعين، وبتقديري للقوى الفاعلة دور سلبي في تنامي هذه الإشكاليات حيث أن كثرة الرسوم المحلية أصبحت تضغط على المجتمع وبات الأخير يبحث عن سبيل للتحصيل كردة فعل وقد يصل به للظلم وهنا نصبح أمام معضلة تناقل الظلم وقد يكون هناك طيف يمارس عليه الظلم المركب؛ أي من قبل عدة قوى.


ومن أهم العوامل المساعدة على التعاون بين المجتمعين الضيف والمضيف تعزيز التواصل وتبادل الزيارات بين المجتمعين ومراعاة ظروفهما وإنصافهما في الحصول على فرص العمل وترسيخ مفهوم احترام المجتمع الضيف حتى لدى الأطفال وهي أمور من شأنها المساهمة في تحقيق الانسجام بين المجتمعين.


يجب على الإعلام المساهمة بترسيخ ثقافة مساعدة الآخر من خلال تسليط الضوء على بعض الصور المشرقة في الإيثار وحسن الضيافة، والتماسك المجتمعي، وقصص النجاح التي حققها المجتمع المهجر قسريا في مناطق إقامتهم، وافتتاح مشاريع اقتصادية من قبل المجتمع الضيف ساهم بإنعاش الحركة الاقتصادية، وخلقت فرص عمل لأبناء المجتمعين، كما أن بعض أبناء وبنات المجتمع المضيف تبوؤوا مناصب عليا في هذه المشاريع، إضافة إلى تبادل المهارات واكتساب خبرات جديدة، ونشوء علاقات اجتماعية بينهما كالمصاهرة، واستثمار الطاقات والخبرات الصناعية ضمن المجتمع الضيف بما يحقق التنمية الاقتصادية، وبالتالي هم قيمة مضافة للمنطقة وليس استنزاف لها، ومن الظلم بمكان أن يتم تعميم المخالفات التي يقوم بها بعض الأشخاص من المهجرين قسريا لتنعكس على الجميع وكأننا أمام نظام مجتمعي عسكري يطبق العقوبة الجماعية.
       

لا بد من زيادة الأواصر المجتمعية من خلال تأدية الواجبات الاجتماعية تجاه بعضنا البعض، وحل مشكلة المسكن للمجتمع الضيف، وتوفير فرص العمل لأبناء المجتمعين بشكل عادل، إضافة لزيادة مساهمة المجتمع المدني في ترسيخ مفاهيم التماسك المجتمعي من خلال تكثيف الجلسات الحوارية، وتسليط الإعلام الضوء على ميزات المجتمعين، ونبذ خطاب الكراهية، وتحقيق العدل بين المجتمعين، وعدم سن قوانين خاصة للمهجرين قسريا من قبل السلطة.


يجب القيام بمزيد من الإجراءات من أجل الحد من الفقر والتوظيف، وخلق فرص العمل، ومن المثير للقلق أن المهجرين قسريا أصبحوا بين مطرقة النظام المجرم وسندان التمييز والعنصرية من قبل البعض الذين لم يتحرر فكرهم من مخلفات النظام الذي جعل من المجتمع السوري خلال نصف قرن من الحكم مجتمع هش ومتشظي والتي كان خلفها حزب البعث العربي الاشتراكي الذي شوه الرابطة الأسرية والرابطة العشائرية والرابطة الدينية والرابطة العربية والرابطة الإسلامية فالسلطة الحاكمة في سورية هي وراء التشظي والانشطار المستمر للشعب السوري، كما أننا نعاني من نقص في السياسات لتعزيز قدرة المجتمع على مواجهة التحديات، وعدم وجود ميزانية مخصصة لذلك.
       

يجب على منظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية التوافق مع وجهات نظر المهجرين قسريا فيما يتعلق بتصميم المشاريع وتنفيذها، كما يجب عليهما التواصل بانتظام مع المهجرين قسريا.


إن لمنظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية دور في توسيع هذه الفجوة أو ردمها وكلنا مسؤول عن خفض التوترات المجتمعية وإزالة التفرقة بداية من الجيران ومرورا بالمدارس وصولا لتحقيق الشراكة الفاعلة في القرارات السياسية السيادية للثورة السورية، وهناك من يساهم في ضياع الفرص التي يوجدها المفكرين الأحرار والمبادرات الطيبة التي سرعان ما يتم الالتفاف عليها،
ولابد من الحديث عن تقصير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتقصير ومشاركة المجتمع الدولي في جريمة الحرب (التهجير القسري) كما قصروا في واجباتهم تجاه الشعب السوري بشكل عام والمهجرين قسريا بشكل خاص.


الخاتمة:
يجب توفير العدالة في توزيع الثروات وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، وتضييق الفجوة بين الطبقات، ومحاربة الفقر، علما أن أغلب الموطنين المهجرين قسريا كانوا بفترة ما خلال الثورة السورية مضيفين لغيرهم فالانتماء مشترك والقضية واحدة والهدف لم يتحقق بعد، وبالتالي ما مدى قدرة القوى المحلية مجتمعة على إحداث التغيير الإيجابي لتحقيق سيادة القانون والمشاركة والمساواة والاستجابة للمجتمع هي من تحدد فاعليتها ونجاعتها وليس المقدرة على التكيف؛ فالإسهام في التغيير هو الدور الحيوي المطلوب من الجميع.


       
لا بد من السعي لتهيئة الظروف المواتية التي تمكن جميع المهجرين من إثراء مجتمعنا الواحد من خلال قدراتهم البشرية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وبالتالي تسهيل مساهماتهم في التنمية على المستويات المحلية.


إن كل القوى الفاعلة مسؤولة عن تحقيق التماسك الاجتماعي وتعزيز التفاعل وبناء العلاقات وخلق مساحات مصالح مشتركة وإيجاد منتدى فكري وساحات حوار والذي تم طرحه من قبل بعض المفكرين خلال السنوات الماضية وتم تعطيله من قبل بعض القوى، ويجب تسخير القدرات المحلية للوصول إلى العدالة الاجتماعية والسعي المتواصل باتجاه هدف الثورة السورية والأخيرة تتعاطى مع السوريين بشكل عادل ومتساوي بالحقوق والواجبات؛ فالثورة سورية وليست مناطقية.
الفهرس:

المواطن السوري المهجر قسريا والمواطن السوري المضيف: الباحث: أحمد الخالد    1
المقدمة:    1
المهجر قسريا مواطن سوري:    2
السلم المجتمعي ودور القوى الفاعلة:    3
الخاتمة:    6
الفهرس:    7

ليفانت: الباحث: أحمد الخالد

شارك المقال

إقرأ أيضا

;

مركز ليفانت للبحوث والدراسات يتبع لمؤسسة إعلامية مستقلة التي تُبث أخبار يومية على شبكة الانترنت، وصحيفة مطبوعة تصدر من لندن وتوزع في العواصم الأوربية باللغتين العربية والإنكليزية.