الحضارة السريانية عبر التاريخ

عاش الآراميون في منطقة مترامية الأطراف من آسيا، وقد كان =برستد= أول من أطلق على هذه المنطقة اسم الهلال الخصيب، وعلل ذلك بأنها((تكون شكلاً نصف دائري على وجه التقريب يرتكز طرفه الغربي في جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط ، ووسطه فوق شبه جزيرة العرب ،ويرتكز طرفه الآخر عند الخليج العربي، وخلف ظهر هذا تقوم الجبال المرتفعة، وبذلك تقع فلسطين عند نهاية الجزء الغربي، وبلاد بابل في الجزء الشرقي، بينما تكون بلاد آشور جزءاً كبيراً من وسطه)) برستد: تاريخ الحضارة ص 151
وقد وجدت في هذه المنطقة عدة حضارات قبل أن يسود فيها الآراميون، بل قبل أن يستوطنها الجنس السامي. فقبل عام 3500 قبل الميلاد تقريباً ازدهرت حضارة في سهل شنعار على يد السومريين وهم (قوم غير سامي الأصل)-برستد -انتصار الحضارة= فيبيب حتي -تاريخ سوريا ولبنان وقلسطين ج1 ص 149- ديلابورت-بلاد مابين النهرين ص18-


قادهم نشاطهم التجاري الى استعمال اللغة السومرية وهي لفة (ليست سامية ولا آرية) =سارترون: تاريخ العالم:الفصل الثالث.
كانت تكتب بآلة تشبه المسمار يضغط بها على الطين الذي يصنع على صورة ألواح فتترك أثرها فيه، ثم يجفف الطين ويحرق حتى يظل متماسكا مما جعل هذه الكتابة تعرف بالكتابة المسمارية. ولقد تركز النشاط الثقافي على عهد السومريين في المدن((وكان المعبد في المدينة هو نواة حضارتها والمركز الرئيس فيها))=برستد -انتصار الحضارة ص164- ولعل مما يدل على هذا تلك المدونات التي عثر عليها في كثير من الحفريات بين أنقاض هذه المعابد—(وتعتبر الحضارة السومرية أساسا لعدة حضارات آسيوية، ولقد ظل العامل السومري هو العنصر الأساسي لثقافة ما بين النهرين)=بول ماسون أورسيل : الفلسفة في الشرق: ترجمة محمد يوسف مرسي.


ومنذ الألف الثالث قبل الميلاد، نزحت جماعات جديدة واستوطنت منطقة الهلال الخصيب، وعاش فريق منها جنب الى جنب مع مع السومريين في منطقة ما بين النهرين ثم لم يلبثوا حوالي سنة 2750 قبل الميلاد ويلز-موجز تاريخ العالم ص66 أن يتعلبوا بزعامة سرجون الأول على دويلات المدن، وأن يؤسسوا دولة موحّدة قوية شملت معظم وادي الرافدين، وأن يتخذوا أكاد عاصمة لها.


ولم يكن هؤلاء الساميون قد تحضروا بعد فأخذوا عن السومريين بعض معارفهم (وهكذا غلب السومريين قاهريهم) جورج سارترون:تاريخ العالم المفصل:ترجمة طه الباقر ص148. ولقد اقتبس الآكديون (الكتابة المسمارية عن السومريين ليكتبوا بها لغتهم السامية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي كتبت فيها لغة سامية) برستد-انصار الحضارة ص178.. ومعظم اللوحات المسمارية التي كشفت حتى الآن مكتوبة باللغة الآكدية التي تسمى عادة البابلية. ثم ظهرت أمة جديدة عرفت باسم سومر وأكاد، وحققت ما عرف بالحضارة البابلية.


وفي حوالي القرن الحادي والعشرين ق.م . غزا الأموريون بلاد أكاد، ويستدل من أسمهم على أنهم أقاموا في (أمور) وهي منطقة من سوريا العليا كانت بين لبنان والفرات بول ماسون اوروسيل: الفلسفة في الشرق:ص70. وفي عهد الأموريين اكتسبت عاصمتهم بابل شهرة عظيمة ، وغلب اسمها على سهل شنعار القديم فسمي باسم بلاد بابل برستد: انتصار الحضارة ص186-المسعودي مروج الذهب ج1-ص313.


أشهر ملوك الأموريين كان حمورابي( 1728-1686) ق.م . اتخذ من بابل عاصمة له، استعمل (اللغة السومرية في رسائله الى ولاته) برستد: انتصار الحضارة ص188. ولكنه استعمل اللغة البابلية في قوانينه التي تدل على أن الحضارة البابلية (قبل كل شيء كانت حضارة تشريعية).


ثم تغلب الكاسيون جورج سارترون: تاريخ العالم ص195. الذين أتوا من شرقي دجلة، وأقاموا فترة بالبلاد على بابل حوالي سنة 1761 ق.م، وظلّوا فيها قرابة خمسة قرون تارة سادة وتارة مسودين، وكانت بينهم وبين فراعنة مصر مراسلات ودية ومصاهرات كشف عنها ما ورد في رسائل تل العمارنة في عهد فرعون مصر أخناتون، وكانت بينهم وبين الآشورينن حروب على الحدود بين مملكتيهما، ثم ضعف أمرهم، وصارت الغلبة للآشوريين ، وبذلك انتقل مركز الحضارة الى بلاد آشور.


متابعة المزيد داخل الدراسة PDF

شارك المقال

إقرأ أيضا

;

مركز ليفانت للبحوث والدراسات يتبع لمؤسسة إعلامية مستقلة التي تُبث أخبار يومية على شبكة الانترنت، وصحيفة مطبوعة تصدر من لندن وتوزع في العواصم الأوربية باللغتين العربية والإنكليزية.